العدد (1)

يعتبر علم الاقتصاد الإسلامي من العلوم المستحدثة في هذا العصر حيث أن هذا العلم لم يتجاوز عمره الخمسين عاماً تقريباً, وكان ظهور مثل هذا الحقل من المعرفة يشبه نوعاً ما ظهور كثير من العلوم ذات الطابع المذهبي الإسلامي, حيث أن ظهور علم الاقتصاد الإسلامي هو نتيجة للصحوة الإسلامية التي ظهرت في أواخر القرن الماضي في كافة ميادين الحياة الاجتماعية, أضف إلى ذلك أيضاً قصور علم الاقتصاد الوضعي على إيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية التي تعاني منها البشرية, رغم الرصيد الهائل من الفكر والمحاولات والتجارب التي قام بها رواد هذا العلم عبر تاريخ علم الاقتصاد, وقد جاء هذا البحث ليقدم مساهمة متواضعة في مجال الاقتصاد الإسلامي لتجاوز هذا التخبط الفكري ووضع الأمور والمسائل الاقتصادية في قالب منهجي لضبط مسائله, وذلك كله في ضوء المنهجية الإسلامية للعلوم الاجتماعية, وإذا ما قررنا أن المنهج هو طريقة لقيادة العقل فيجب على الباحث في الاقتصاد الإسلامي أن تكون له طريقة خاصة به يستطيع من خلالها أن يبحث موضوعات الاقتصاد الإسلامي بمنهجية سليمة ليحصل في النهاية على نتائج سليمة, وهذا يفيد أيظاً في توحيد الجهود المبذولة في بحث قضايا الاقتصاد الإسلامي فنبتعد بذلك عن الخطب الحماسية والأسلوب الإنشائي المؤثر ونقترب أكثر من الموضوعية والأصالة.

          نتيجة للتطور في بيئة الأعمال واعتمادها على الأنظمة الالكترونية تغيرت وظيفة المحاسبة من كونها أداة لمسك الدفاتر إلى وظيفة إعلامية تهدف إلى خدمة أطراف أخرى لها علاقة بالمشروع ، لذا فإنها يجب أن تؤسس وتطبق على أساس تلك الأغراض التي تخدمها، وإذا نظرنا إلى المجتمع الإسلامي نجد أن المحاسبة تسعى لخدمة تحقيق هدف استخلاف الإنسان على الأرض وبما أن هذا الهدف قد رسمه الله سبحانه وتعالى منذ خروج سيدنا آدم من الجنة وابتلائه بالعيش على الأرض ، فان تحقيق هذا الهدف الإلهي يجب أن يكون وفق ما أراده الله سبحانه وتعالى ، لذا فان المحاسبة يجب أن تعتمد في تطبيقها ابتداءً من تحديد مبادئها وقواعدها وصياغة معايير وانتهاء بإعداد وتفسير نتائجها على ما أمر به الله سبحانه وتعالى ، لذلك فان الشريعة الإسلامية هي الأساس الأول والنهائي في تحديد وصياغة وتفسير المبادئ والقواعد والمعايير المحاسبية لذلك يجب أن تكون مستمدة منها أو كحد أدنى غير متعارضة معها.

على توارد الإخبار والنصوص القرآنية والأحاديث النبوية من أن الدين الإسلامي دين حياة ، يتصف بالسعة التي تغطي علي جميع المناحي مما فيه جلب للمصالح ودرء للمفاسد ، وعلي ذكر علماء التاريخ للأحداث وسردهم لواقع دولة الإسلام تبرز الأهمية القصوى لضرورة البحث المتأني وإعمال الفكر الثاقب والنظر الممعن لاستنباط واستخراج العديد من الأحكام والقيم والمبادئ العامة التي ينضبط بها ذمام الحياة والتي بطريقها تصير الحياة منظومة أعمال تعبديه ، دينية ودنيوية يثمر عنها منافع تنتظم الحياتين الدنيا والأخرى .

سعى البحث إلي وضع صياغة منهجية لنماذج الاقتصاد الكلي الإسلامي القياسية، والتي تمثلت في وضع تصور معاصر لنظرية الاقتصاد الكلي الإسلامي وإعداد نظام حسابات الاقتصاد الكلي الإسلامي وإيجاد تعريف للنموذج القياسي الكلي الإسلامي وأهدافه، وأوجه استخدامات النموذج في الأحكام التشريعية الثابتة والأحكام الشرعية المتغيرة، وتوضيح تطبيقات نماذج تطبيقات الاقتصاد الكلي الإسلامي القياسية المعاصرة.

أوصت الدراسة بضرورة إعداد دراسات لوضع نماذج قياسية لتطبيقات الاقتصاد الكلي الإسلامي المعاصر، وتشجيع طلاب الدراسات العليا بالكتابة في مجال الاقتصاد الكلي الإسلامي القياسية.

يعتبر مفهوم الإستراتيجية من المفاهيم المتداولة في العلوم العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تستخدم للدلالة على أكثر من تخصص فكلمة (إستراتيجية) تستخدم استخداماً واسعاً من قبل الباحثين والمتخصصين في شتى العلوم. كما أن استخدام تعبير (الإستراتيجية) تعدد وشمل العديد من الميادين والتخصصات وقد تطلق هذه الصفة أيضاً على بعض المواد التي تؤثر على السياسة الاقتصادية أو السياسة العسكرية لدولة ما (الموارد الإستراتيجية) كالبترول مثلاً وتوصف الخطط ونمط معين من التفكير أو الدراسات المتخصصة بأنه (تفكير إستراتيجي) أو الدراسات الإستراتيجية.

تطور مفهوم الإستراتيجية على المستوى النظري من حيث تحديده وتوسع استثماره نظراً لاتساع العلوم وتداخلها، والمتغيرات السياسية، الاقتصادية، العسكرية، الاجتماعية.

تتلخص مشكلة البحث في الحاجة إلى دراسة علمية تحليلية تتناول نظرة الإسلام للتنمية الاقتصادية من خلال ماورد في القرآن والسنة المطهرة من مفاهيم تعبر عن التنمية الاقتصادية من وجهة نظر شرعية . ومن خلال أفكار وآراء الفقهاء والمفكرين المسلمين ونظرتهم لمفهوم التنمية من منظور إسلامي ، من أجل الوصول إلى القواعد الشرعية التي من خلالها يمكن الإجابة على هل هنالك مفهوم إسلامي محدد للتنمية الاقتصادية ؟ وهل للتنمية في الإسلام  مبادئه تلتزم  بها ؟ وأهداف تسعى لتحقيقها ؟ وهل هنالك خصائص تميزه التنمية في الإسلامية عن الأفكار الوضعية السائدة ؟ 

    وتفترض الدراسة أن للتنمية الاقتصادية في الإسلام مفاهيم محددة ومبادئ ملزمة وأهداف تريد تحقيقها وخصائص تميزها عن المفهوم الوضعي. ويهدف البحث إلى محاولة إبراز مفاهيم ومبادئ وأهداف وخصائص التنمية الاقتصادية في الإسلام . وبيان كيفية الاستفادة من هذه المفاهيم في تحقيق التنمية في المجتمع المسلم .